الصحفي التركي حمزة تكين: هذا القادم للمنطقة حسب توقعي

الصحفي التركي حمزة تكين: هذا القادم للمنطقة

حوار خاص للكاتب والصحفي التركي مع موقع وطن للصحفية وفاء غواري

بعد قطيعة سياسية دامت نحو عقد، ادى ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي زيارة الى تركيا، بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

زيارة جاءت تتويجا لعدد من اللقاءات المتلاحقة والمتتالية بين مسؤولين أتراك واماراتيين. وكانت خطوة تقارب بين البلدين بعد سنوات من التنافس الاقليمي وحرب التصريحات بين الجانبين.

كما أسفرت زيارة بن زايد الى تركيا عن توقيع اتفاقيات اقتصادية وتأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمار التركي.

لقاء ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد بالرئيس التركي أردوغان، أثار جملة من ردود الأفعال والتساؤلات حول ما اذا كان التقارب الاقصادي سيليه تقارب سياسي.

صحيفة “وطن” استضافت في الحوار التالي الكاتب الصحفي التركي حمزة تكين للحديث حول الزيارة وانعكاساتها على المنطقة.

ما اهمية زيارة ولي عهد ابو ظبي الى تركيا ولقائه أردوغان؟
الزيارة جاءت بعد نحو عقد من الزمن على اخر لقاء بين محمد بن زايد وبين أردوغان، هي محاولة لاعادة الدفء للعلاقات التركية الاماراتية بعد كل تلك السنوات من القطيعة والتنافس والحرب الامارتية على تركيا ومحاولات الصد التركية لتلك الحرب.

نعلم ان الامارات اتبعت سياسات معادية للجانب التركي خلال العقد الماضي والسياسة التركية لم تكن هجومية كالسياسة التركية بل كانت سياسة صد للسياسات الهجومية من قبل الامارات.

ما هي احتمالات الفشل والنجاح لهذه الزيارة؟
الفشل والنجاح مرتبط بالقضايا الاقتصادية، اليوم اذا طبقت الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي وقعت بين محمد بن زايد و أردوغان في انقرة فان هذا الامر سينعكس بشكل ايجابي وتدريجي على المدى الطويل على تحسن العلاقات السياسية بين انقرة وابو ظبي. وبالتالي القضية مرتبطة بالعلاقات الاقتصادية والتجارية وتطورها.

اليوم العالم يمر بأزمات اقتصادية كبرى بسبب تداعيات فيروس كورونا وظهور متحور جديد من الفيروس وبالتالي ستؤدي هذه الامور الى تداعيات اقتصادية اكبر على العالم.

لذلك دولة مثل تركيا تعتبر من اقوى دول منطقة الشرق الاوسط ودولة مثل الامارات لديها طموحات اقتصادية وتجارية مجبرتان على التعاون مع بعضها البعض والاستفادة الاقتصادية المتبادلة والمصالح المتبادلة في هذا السياق.

اقرأ أيضاً: التقارب الإيراني – الإماراتي يقلق اسرائيل والقصة كلها قد تتغير إلى الأسوأ

بالتالي، اذا نجحا بالاستفادة المتبادلة اقتصاديا وتجاريا قد نكون امام مرحلة من تحسن العلاقات السياسية في الاشهر والسنوات المقبلة. والعملية تأخذ وقت لان الخلافات السياسية بين الطرفين عميقة وكبيرة ومازالت قائمة.

هل اللقاء بداية لفتح صفحة جديدة؟
بطبيعة الحال هي صفحة جديدة ومحاولة من قبل الامارات لتحسين العلاقات مع الجانب التركي وبالتالي تركيا فتحت ابوابها لتحسين هذه العلاقات.

خلال العقد الماضي انتهجت الامارات سياسات خاطئة تجاه تركيا. وهذا ما حذر منه الكثير من المراقبين على مدى سنوات ان الامارات بسياساتها لا بد في نهاية المطاف ان تعود للجانب التركي.

تركيا ليست دولة صغيرة او ضعيفة في المنطقة لتحارب بمثل هذه الطريقة. وفي نهاية المطاف عادت الحكمة السياسية للجانب الاماراتي فوجدت صدى لدى الجانب التركي.

وهناك مصالح متبادلة يعني تركيا ستستفيد من هذه العلاقة اقتصاديا وكذلك الامارات. لذلك اليوم هو اختبار اقتصادي للعلاقات بين البلدين اذا نجح تعزيز التعاون والاستفادة الاقتصادية والتجارية المتبادلة سنكون اما صفحة جديدة للعلاقات السياسية بين البلدين.

بطبيعة الحال الاتفاقيات التي وقعت والزيارة الاصلي والدعوة التركية لبن زايد هدفها ومحورها الاساسي اقتصادي وتجاري وفتح طرق للتجارة الدولية من الامارات عبر تركيا الى اوروبا. هي مرحلة اقتصادية يعول عليها الجانبين ان تنعكس اذا نجحت على الشؤون السياسية وتحسين العلاقات السياسية.

اذا اردنا ان نفصل اكثر في الملفات السورية او الليبية او الفلسطينية هناك تباين في وجهات النظر بين تركيا والامارات. وتركيا لم تتبع سياسات عدائية تجاه الامارات او سياسات عدائية تجاه الشعوب. بل وقفت مع الشعوب بسوريا وفلسطين وليبيا على عكس الامارات التي دعمت الثورات المضادة وهذا لب الخلاف التركي الاماراتي ان كل طرف دعم طرفا اخر في هذا الملف او ذاك.

تركيا لم تهاجم المصالح الاماراتية ولم تتبع سياسات لاسقاط الحكم في الامارات على عكس ما فعلته ابو ظبي خلال السنوات الماضية لذلك اليوم الكرة في الملعب الاماراتي .

فيما يتعلق بالشق السياسي اذا جنحت الامارات للغة العقل ولغة المصالح فانها ستجد من قبل تركيا اذانا صاغية واياد ممدودة لتحسين العلاقات فيما يتعلق بتفاهمات ربما تكون ايجابية للشعوب في ليبيا وفي سوريا، الكرة في الملعب الاماراتي للتقارب اكثر مع تركيا.

هل يؤدي التقارب الاقتصادي الى مصالحة حقيقية ام ستظل مصالحة اقتصادية فقط؟
هذا الامر وارد، من يقرأ السياسة التركية الحديثة يرى ان تركيا تتبع سياسات تفصل الملفات الاقتصادية عن الملفات السياسية وهذا متبع مع كثير من دول العالم على سبيل المثال هناك خلافا عميقة بين تركيا وروسيا ولكن العلاقات الاقتصادية جيدة وممتازة. وهناك ايضا خلافات عميقة بين تركيا ومصر حاليا في ظل النظام الحالي ولكن العلاقات الاقتصادية والتجارية ممتازة وكذلك دول عديدة في المنطقة والعالم.

لذلك تستطيع تركيا اليوم ان تطبق نفس السياسة مع الجانب الاماراتي اذا لم تحسن العلاقات السياسية، تبقى العلاقات الاقتصادية قائمة والمنفعة الاقتصادية والتجارية قائمة وهذا الامر معمول به في السياسة التركية.

طبعا في نهاية المطاف ورغم كل الخلافات اي تحسين للعلاقات بين الجانبين سينعكس ايجابا على المنطقة، وهذا ما تريده تركيا ولكن ليس على حساب امنها ومصالحها.

تحدثت عن امكانية تحسن العلاقات بين البلدين، هل يعني ذلك ان الامارات بدأت تراجع سياستها في المنطقة ام العكس؟
تركيا لم تدعم الثورات المضادة ولم تشارك في دعم تنظيمات ارهابية، ولم تتبع سياسات معادية للجانب والنظام الاماراتي او للاقتصاد الاماراتي. كل هذه الامور قامت بها الامارات خلال الفترة الماضية: دعمت تنظيمات في الشمال السوري والشمال العراقي وهذا موثق بالاموال وحتى بالزيارات لبعض المسؤولين الاماراتيين، ودعمت الثورات المضادة في ليبيا واليوم تتبع سياسات لا ترضى عنها تركيا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: من هو خالد العتيبي الذي اعتقلته فرنسا للاشتباه به في قتل جمال خاشقجي؟

بالتالي تركيا ترى ان السياسات الاماراتية هي السياسات الخاطئة في المنطقة لذلك تدعو تركيا الامارات الى اعادة دراسة سياساتها في المنطقة بما يتوافق مع مصالح المنطقة، وستجد حينها من تركيا كل الدعم السياسي ومرحلة جديدة من تحسن العلاقات، اما اذا حافظت الامارات على هذه السياسات فتركيا ستحصر علاقتها بالامارات في القضايا الاقتصادية والتجارية والمصالح المتبادلة.

ألا تخشى تركيا من تنامي النفوذ السياسي للامارات وخصوصا ان من يؤثر في الاقتصاد يؤثر في السياسة؟
من يؤثر في الاقتصاد يؤثر في السياسة، طبعا هذه المعادلة موجودة ولكن اليوم ليست الامارات الوحيدة المؤثرة، اذا كانت ستكون كذلك، في الاقتصاد التركي.

مطالب الامارات في التوسع والاستثمار في الاقتصاد التركي بشكل واسع مازالت قيد البحث في انقرة، مازالت الامارات لم تأخذ الموافقة التركية الكاملة على بعض الامور التي طلبتها فيما يتعلق بالاقتصاد ولكن ربما اذا ما وجدت تركيا اي نية لتغيير التوجهات السياسية من قبل الامارات تجاه المنطقة، برأيي ربما تبقى الامور محصورة بشؤون اقتصادية وتجارية لا تستطيع من خلالها الامارات ان تؤثر على السياسة التركية، كالطرق البرية والعمليات التجارية التي تمر عبر تركيا والامارات وبالتالي بعيدة عن الاستثمارات الضخمة في القطاعات والشركات التركية بالتالي هذا الامر لا يسمح للامارات بتأثير سياسي كبير.

تركيا ستدرس اي خطوة ستقوم بها مع الامارات او غيرها فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية التي قد تؤثر في المستقبل على اي توجهات سياسية تركية سواء كانت داخلية او خارجية.

واذا وجدت تركيا اي نية لتحسين السياسات الامارتية فانها سوف تفتح الابواب بطبيعة الحال لعلاقات جيدة وايجابية مع الامارات تنعكس ايجابا على كل المنطقة والملفات المشتعلة.

هل يمكن لأنقرة ان تتجاوز تورط ابو ظبي في محاولة الانقلاب في تركيا؟
اذا اقدمت الامارات على خطوات وطلبت من تركيا هذا الامر، وابدت نية جقيقية للاعتراف حتى لو بعيدا عن الاعلام ربما فقط في اللقاءات الخاصة الرسمية بين المسؤولين الاماراتيين والاتراك والاتفاق على صيغة معينة لتجاوز المحاولة الانقلابية الفاشلة التي جرت في 15 تموز 2016 ربما يحصل ذلك.

كل محاولات اسقاط تركيا اقتصاديا وعسكريا وامنيا وسياسيا واعلاميا فشلت فشلا ذريعا، لذلك اليوم اجبرت الامارات وبعض الاطراف الاخرى على التعامل مع تركيا، وكان لا بد، من وجهة نظرهم، ان يجلسوا مع تركيا ويتحاوروا معها لحل المشكلات السابقة التي انغمسوا فيها ومحاولة تحسين العلاقات وهذا ما يحصل الآن في هذه الفترة بين تركيا والامارات وبين تركيا واطراف اخرى.

هناك معارضون اتراك تدعمهم الإمارات ومنهم سادات بكر المقيم في دبي، هل هناك اي صفقة تتعلق بهؤلاء؟
الشخص الذي يقيم في الامارات لا يمثل شيئا في المعادلة السياسية التركية، هو شخص يهاجم الحكومة التركية وبعض مسؤوليها عبر السوشيل ميديا وهو في حقيقة الامر لا ينتمي لأي حزب سياسي في تركيا.

في نهاية الامر هو معارض وتركيا دولة ديمقراطية ويحق له ان يعارض يعيدا عن نشر الأكاذيب والافتراء اما المعارضة السياسية فتركيا ليست مزعوجة كثيرا من ذلك. ليس هو الشخص المعارض الوحيد سواء في تركيا او خارجها، هناك الكثير من المعارضين.

اذا اذا اراد الجانب الاماراتي ان يرسل رسالة ايجابية وان يشرع بمرحلة سياسية مع الجانب التركي عليه ان لا يسمح بطبيعة الحال بأمور غير قانونية على اراضيه، واذا كان هذا الامر يتم بشكل قانوني فهذه حرية شخصية، برأيي، لهذا الشخص طالما انه يتبع القوانين، اذا كان لديه مؤسسة قانونية في الامارات ويعمل بشكل رسمي.

محمد دحلان، وضعته تركيا في قائمة الانتربول لاتهامه بدعم الانقلاب ضد الرئيس اردوغان، فهل سيتم تسليمه لتركيا؟
هذا الامر ربما لا تقدم عليه الامارات بهذا الشكل المباشر بان تسلمه للجانب التركي لكن اذا ارادت مستوى اكبر من العلاقات سياسيا ربما تقدم على خطوات لانهاء عمل هذا الشخص على سبيل المثال او بصيغ اخرى مع الجانب التركي.

طبعا هذا الام يبحث بين الجانبين التركي والاماراتي لان هناك مساع لتحسين العلاقات السياسية، رغم كل الخلافات. من هذه الشؤون الحساسة التي تعرقل تحسين العلاقات هو هذا الملف المتعلق بان تركيا تضع هذا الشخص على لائحة الانتربول بالتالي لا بد من ايجاد صياغة تنهي هذا الملف وتسمح لتركيا بمحاسبة كل من شارك في الانقلاب الفاشل.

رجحت ان الامارات لن تقوم بتسليم دحلان، فما هي الخطوات التي يمكن ان تتخذها بهذا الصدد؟
ممكن ان تقوم الامارات بانهاء مهامه كمستشار وبالتالي يصبح غير مرتبط بالجانب الاماراتي قانونيا ورسميا. وحينها تستطيع اي جهة وفق مسماه الوظيفي الجديد ان تحاسبه، وان تطلب تركيا من الانتربول ان يتحرك او ايجاد صياغة اخرى لهذا الملف. يعني مجرد ان يخرج هذا الشخص من العباءة الاماراتية هذا كاف للجانب التركي. وتركيا ستتولى العملية الامنية لاحقا فيما يتعلق بدحلان.

هل تعتقد هناك صفقة ما سمحت فيها تركيا للامارات ان تتسلم رئاسة الانتربول ؟
حقيقة ليس عندي معلومات حقيقية حول هذا الامر لكن من باب القراءة البعيدة، تركيا استضافت اجتماع الانتربول وكانت مجرد مستضيفة لهذا الاجتماع من باب الاستضافات الدورية.

هذه الدورة كانت منعقدة في تركيا وهي انتخابات لكل الدول الاعضاء في الانتربول. وبالتالي ليست تركيا هي صاحبة القرار الوحيد في هذا الامر، هي انتخابات جرت والدول هي التي صوتت وانتخبت، وبرأيي ليست الكلمة العليا لتركيا. وما جرى هي عملية انتخابية بين الدول الاعضاء. ليس هناك اي صفقة او اي شيء يتعلق بهذا الامر.

تنامي العلاقات التركية الاماراتية، هل سينعكس سلبا على التيارات الاسلامية؟ والى أي مدى؟
هذا الموضوع يطرح كثيرا، تركيا لا تستضيف على اراضيها حصرا التيارات الاسلامية بل فتحت ابوابها لكل من اضطهد وتعرض للاضطهاد في بلاده سواء من دول عربية او غير عربية، وجل الذين اتوا الى تركيا هربا من بلدانهم هم من غير الدول العربية. حتى من غير المسلمين وبالتالي لا يمكن ان نحصر ان تركيا استقبلت اليوم فقط التيارات الاسلامية كما يحاول ان يروج البعض.

تركيا فتحت ابوابها للجميع بصفته الانسانية وليس بصفة لاجئ او معارض سياسي، اذا سكنت الاوضاع في بلد هذا الشخص المقيم في تركيا فانه يعود الى بلاده بشكل طبيعي، هو لا يملك لجوء سياسي في تركيا على الاطلاق من الناحية القانونية.

وبالتالي القضية ليست قضية تيارات اسلامية واخرى غير اسلامية حتى التيارات الاسلامية الموجودة في تركيا لم تدعوا يوما الى اسقاط النظام في الامارات ولم تدعوا يوما الى محاربة الامارات، هي خلافات سياسية ضمن الاطر السياسية. لذلك هذا الملف هو ملف انساني وليس ملف معارضة سياسية واستضافة تركيا لمعارضين سياسيين.

حتى قانونيا لا يوجد وجه شبه بين ان تستضيف الامارات معارض تركي. تستطيع تركيا من الناحية القانونية ان تقدم طلب للامارات لاستقدامه وفق احكام قضائية معينة، لكن ان يكون شخص معارض للسياسة والتوجهات الاماراتية مصري على سبيل المثال، لا يحق للامارات ان تطالب بطرده واسكاته، هو لا يحمل اصلا الجنسية الاماراتية ولا يوجد اي مسوغ قانوني.

تركيا ترفض هذه الطريقة بالتعامل وطريقة وضع الشروط والاملاءات بهذا السياق، بالتالي لا اعتقد ان تقدم تركيا على اي خطوات تشوه صورتها الانسانية المرسومة منذ عشرات السنين، ولا اعتقد انها ستقدم على اي خطوة غير قانونية تطلبها الامارات.

البعض يرى ان التقارب الاماراتي التركي في هذه الفترة، خدمة للكيان الصهيوني، ما تعليقك على ذلك؟
من خلال المتابعة الدقيقة للسياسة التركية، تركيا الجديدة بقيادة اردوغان لن تقدم خلال عشرين سنة على اي خطوة تخدم المصالح الصهيونية. بالتالي مستبعد مائة في المائة ان تكون هذه العلاقة المستجدة تخدم المصالح الاسرائيلية، من وجهة نظر تركيا.

وان كانت الامارات تحاول ان توظف هذا الامر لخدمة مصالح الكيان الصهيوني فهذا شأن اماراتي، والامارات اليوم تحاول ان توظف كل شيء لخدمة الاحتلال الاسرائيلي، فكل شيء تقدم عليه الان تحاول ان تجعله يصب في مصلحة الكيان المحتل لفلسطين.

تركيا اليوم لا تسعى لخدمة المصالح الاسرائيلية، والعلاقة التركية الاسرائيلية هي علاقة عدائية موجودة بسبب الخلافات العميقة والكثيرة بين تركيا والاحتلال الاسرائيلي.

والعلاقة بين الطرفين لم تعد كالسابق كتلك التي كانت موجودة في تسعينات القرن الماضي وبالتالي اليوم تركيا تعمل ضد المصالح الاسرائيلية في المنطقة لان اسرائيل تعمل ضد المصالح التركية ايضا. لذلك لا اعتقد ان هناك اي محاولة من قبل تركيا لخدمة المصالح الاسرائيلية او المصالح الصهيونية في المنطقة.

الجانب الاماراتي يحاول ان يوظف كل شيء اقتصاديا وسياسيا واعلاميا وثقافيا لخدمة الاحتلال الاسرائيلي. وهذا امر مؤسف وامر ترفضه تركيا وترفضه الشعوب حتى الشعب الاماراتي الذي يرفض السياسات التي تخدم مصالح الاحتلال الاسرائيلي. ونرى الرفض الاعلامي والشعبي في العالم العربي تجاه سياسات الامارات فيما يتعلق بالاحتلال الاسرائيلي.

واردوغان هدد بسحب السفير التركي وطرد السفير الاماراتي عندما اقدمت الامارات على عملية الانبطاح للاحتلال الاسرائيلي. تركيا ضد المصالح الصهيونية ولا تعمل ابدا لخدمة هذه المصالح، واذا عملت الحكومة التركية سوف تجد من الشعب التركي الصد والمعارضة.

هناك حديث عن قيام بن زايد بجهود مصالحة بين تركيا وسوريا والسعودية ودول خليجية اخرى لرفع المقاطعة عن البضائع التركية، ولتعزيز المحور السنّي المعتدل المرتبط أمريكيًّا في مواجهة المحور الإيراني الصّاعد، والمدعوم صينيًّا وروسيًّا أيضا في اطار ما يسمى بشرق اوسط جديد، ما دلالات ذلك؟ وهل تعتقد ان الزبارة حملت في طياتها جهود مصالحة؟
فيما يتعلق بهذا الامر بالدرجة الاولى نحن بعيدين على ان نتحدث على علاقات استراتيجية بين تركيا والامارات في الوقت الراهن. تركيا لا تعمل بمفهوم السني والشيعي كما تعمل تلك الدول، تركيا تعمل اليوم لمصلحة المنطقة، والمنطقة من وجهة نظر تركيا تضم السنة والشيعة والمسيحيين والدروز والعلويين وطوائف وعرقيات اخرى. وهذه النظرة الطائفية والعرقية مرفوضة من قبل الحكومة التركية الحالية. وبالتالي لا اظن ان الحكومة التركية ستنخرط بأي مشروع طائفي او عرقي في المنطقة.

النقطة الثانية، من افتعلوا العداء مع الجانب الايراني في المنطقة فليقوموا بحل مشكلاتهم مع الجانب الايراني لماذا يريدون ان يقحموا تركيا في هذا الملف، لا اظن ان تركيا ستدخل في هذا الملف.

وفيما يتعلق بان الامارات تقود محاولة للصلح بين تركيا والنظام السوري، ربما الامارات تحاول هذا الامر ولكن تركيا بعيدة كل البعد عن ذلك. فالخلاف بين تركيا والنظام السوري ليس على قضية بسيطة بل ان النظام السوري هدد تركيا على مدى سنوات ودعم تنظيمات ضد تركيا يعني سياسات عدائية خطيرة من النظام السوري تجاه تركيا.

لا اظن ان هناك بوادر للمصالحة مع النظام السوري على الاطلاق. وبالتالي اذا كانت الامارات تسعى لهذا الامر فهي مساع فاشلة ولن تحقق اي نتيجة.

فيما يتعلق بالمقاطعة، اذا اردنا ان نتحدث عن الجانب السعودي فان المقاطعة السعودية لم تجرؤ السعودية على اعلانها بشكل رسمي حتى الان، حرضوا بعض التجار وبعض النافذين على السوشيل ميديا للمقاطعة لكن رسميا لم تجرؤ السعودية على طرح هذا الامر.

والمقاطعة لم تؤدي الى اي شيء تجاه الاقتصاد التركي يعني صادرات تركيا رغم هذه المقاطعة ستصل حتى نهاية هذا العام الى ما يزيد عن مائتي وعشرة مليارات دولار، ربما اثرت على بعض التجار بشكل فردي سعوديين او تراك لكن على اقتصاد الدولة التركية لم تؤثر وهي مقاطعة جوفاء لا قيمة لها على الاطلاق، اذا رفعت فهي رسالة سياسية ومحاولة لتحسين العلاقات السياسية.

ولا اظن ان الامارات تدخل محاولة الصلح بهذا السياق، نتحدث عن الخلاف الاماراتي السعودي ايضا هو عميق ربما اتت الامارات الى تركيا نكاية بالسعودية.

استبعدت حصول مصالحة بين النظام التركي والسوري، كما تحدثت عن امكانية رفع المقاطعة غير المعلنة عن البضائع التركية في السعودية، فهل ستشهد العلاقات بين تركيا والسعودية مصالحة في الأيام القادمة؟
هناك مساع لهذا الامر، جرت خلال الفترة الماضية اجتماعات بين المسؤولين الاتراك زالسعوديين سواء في تركيا او في السعودية او في دول اخرى على هامش اجتماعات دولية، اخر هذه اللقاءات كان وزير التجارة السعودي في تركيا قبل اسبوع، هذه الزيارة للوزير السعودي هي محاولة لاعادة العلاقات الاقتصادية مع الجانب التركي وهذه الزيارة اتت بعد 24 ساعة من زيارة محمد بن زايد.

واضح ان هناك منافسة سعودية اماراتية على الجانب التركي، من يحسن علاقاته التجارية والاقتصادية مع تركيا بشكل اكبر. ولماذا يحاولون من البوابة الاقتصادية، لان تركيا تريد العلاقات الاقتصادية اكثر من السياسية وتسعى خلال الاعوام القليلة جدا المقبلة ليكون اقتصادها من اقوى 10 اقتصادات في العالم. وبالتالي هي بحاجة لتحسين العلاقات السياسية مع مختلف الدول في المنطقة وفي العالم.

واضح ان الامارات والسعودية فهمتا هذه النقطة وهذه الحاجة التركية فتهرولان الان لتركيا لتحسين العلاقات. وان ياتي وزير التجارة السعودي بعد 24 ساعة من زيارة محمد بن زايد هي رسالة واضحة ان هناك تنافس.

قد يقول قائل ان الوزير زار اسطنبول على هامش معرض، كان بامكان الوزير السعودي ان لا يأت وان يرسل ممثل او السفير السعودي لكن حرص الوزير على الزيارة. واجتماعه مع نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي رسالة ومحاولة من قبل السعودية للتكفير عن خطئها فيما يتعلق بالمقاطعة ومحاولة تحسين العلاقات الاقتصادية مع تركيا.

هذا الامر اذا كانت السعودية جادة به ستجد من تركيا كل الابواب المفتوحة واليد الممدودة كما حصل مع الجانب الاماراتي.

(المصدر: وطن )