خلافات المعارضة التركية قد تنهي مستقبل كليتشدار أوغلو السياسي

سوشال:متابعات

 

على الرغم من التأكيد المتكرر لكمال كليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري رغبته في بقاء أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول في منصبه وعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، ما زالت ميرال أقشينار زعيمة حزب الجيد حليف الشعب الجمهوري في “تحالف الأمة” المعارض تعطي إشارات قوية على دعمها لترشيح إمام أوغلو، في مشهد يعكس حجم الخلافات داخل تحالف المعارضة حول المرشح التوافقي للانتخابات الرئاسية وهو السؤال الأكبر والأهم في تركيا هذه الأيام.

وعلى الرغم من عدم وجود تصريحات حاسمة وقطعية من الجانبين، إلا أن كافة التصريحات والتسريبات تشير بوضوح إلى أن كليتشدار أوغلو ما زال يعارض ترشيح إمام أوغلو للانتخابات الرئاسية، بينما ما زالت أقشينار تدعم بقوة ترشيح رئيس بلدية إسطنبول أو منصور يافاش رئيس بلدية أنقرة لحسابات مختلفة.

هذا الاختلاف الذي يبدو جوهرياً بين أبرز حليفين معارضين في تركيا يُبقي الباب مفتوحاً أمام تساؤلات مهمة حول ما إن كان تحالف المعارضة سيبقى قادراً على المحافظة على تماسكه وتحديد مرشح توافقي قوي أم أنه يواجه خطر التفكك وما يحمله ذلك من تغيير جذري في تركيبة التحالفات السياسية التي ستخوض انتخابات البرلمان والرئاسة المقررة يونيو/ حزيران 2023.

ومنذ أشهر طويلة تطرح العديد من السيناريوهات حول مرشح المعارضة للانتخابات الرئاسية حيث يُستبعد بعضها ويتعزز بعضها الآخر، ومن أبرز الأسماء التي بقيت مطروحة بقوة كمال كليتشدار أوغلو، وأكرام إمام أوغلو، ومنصور يافاش، كما بقي احتمال اللجوء إلى شخصية توافقية أخرى بعيداً عن هذه الأسماء مطروحاً.

وبينما أعلنت أقشينار بشكل قطعي أنها لن تترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، أعطى كليتشدار أوغلو إشارات مختلفة إلى إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية لأول مرة بعدما رفض منذ وصوله إلى رئاسة الحزب عام 2010 خوض هذه الانتخابات، ولأول مرة يكون كليتشدار أوغلو مرشحاً قوياً لهذا المنصب بعدما كان يقدم مرشحين من الحزب أو خارجه رافضاً بشكل مبدئي خوض الانتخابات حتى اتهم بتغليب مصالحه بالبقاء في رئاسة الحزب وبث روح سلبية لدى الناخبين باعتبار أن عدم ترشحه يعكس انطباع عام بانعدام فرص فوز المعارضة.

لكن كليتشدار أوغلو يرى في الانتخابات المقبلة فرصة حقيقية للفوز مع المؤشرات على تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد بالآونة الأخيرة وتطوير خطاب المعارضة وبعض الاستطلاعات التي تقول المعارضة إنها تعطيها أفضلية للفوز في الانتخابات المقبلة، لكن حسابات كليتشدار أوغلو تبدو أنها تتعارض مع حسابات ميرال أقشينار المتشككة من دوافع حليفها الأساسي.

كليتشدار أوغلو أمام احتمالات الفوز أو نهاية مستقبله السياسي

يشير كُتاب مقربون من حزب الجيد الذي تتزعمه أقشينار إلى أن حزبها يتخوف من ترشح كليتشدار أوغلو لأسباب مختلفة أبرزها ما يتعلق بحظوظ فوزه المتواضعة أمام حظوظ فوز إمام أوغلو التي تؤكد العديد من الاستطلاعات أنها أكبر بكثير، بالإضافة إلى خشية حزب الجيد من أن وصول كليتشدار أوغلو للرئاسة بصلاحيات واسعة قد يغريه للبقاء في المنصب وعدم دعم رؤية أقشينار التي ترغب في البدء فوراً في إجراءات تحويل نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني مجدداً.

إلا أن السبب الرئيسي يتمحور حول التوجهات الفكرية للمرشح المقبل، فبينما يعتبر كليتشدار أوغلو يساري كمالي تقليدي على الرغم من تغير خطابه مؤخراً، يظهر إمام أوغلو بفكر كمالي حديث قادر على اقناع جانب مهم من القوميين والمحافظين الأتراك، كما أن منصور يافاش رئيس بلدية أنقرة يحمل توجهات قومية قوية وبالتالي يعتبر إمام أوغلو ومنصور يافاش أقرب فكرياً وسياسياً لحزب الجيد من كليتشدار أوغلو.

والجمعة، شارك كليتشدار أوغلو وميرال أقشينار في افتتاح مشروع لبلدية إسطنبول، حيث خاطبت أقشينار إمام أوغلو بالقول: “أتمنى عليكم الاستمرار في هذا الأداء الذي سيكون لازماً في الانتخابات الرئاسية”، وهو ما اعتبر بمثابة دعم جديد وصريح لترشيح إمام أوغلو على مسمع من كليتشدار أوغلو الذي لم يخفي سابقاً معارضته لهذا التوجه.

ويقول المقربون من كليتشدار أوغلو إنه لا يرغب في ترشيح منصور يافاش أو أكرم إمام أوغلو وذلك من باب الوفاء للناخبين الذين أوصلوهم إلى مناصبهم، كما أنه يخشى من أن ترشيح أحدهم يعني خسارة رئاسة بلديته لحزب العدالة والتنمية الذي يمتلك أغلبية في مجلس بلديتي إسطنبول وأنقرة رغم خسارته رئاسة البلديتين في انتخابات 2019.

لكن معارضو كليتشدار أوغلو داخل أروقة الحزب وبعض الكُتاب المقربون منه يُلمحون إلى أن زعيم الحزب يواجه خيارات صعبة تتعلق بمستقبله السياسي تتأرجح بين نهاية “مُذلة” لحياته السياسية في حال ترشحه للانتخابات الرئاسية وخسارته، وبين احتمال إزاحته عن رئاسة الحزب في حال ترشح شخصية أخرى من داخل الشعب الجمهوري وفوزها بمنصب الرئاسة ذو الصلاحيات الواسعة والذي يتيح له القانون أيضاً الجمع بين رئاسة الجمهورية والحزب.

وبينما تلقي الحسابات الشخصية والحزبية بضلالها على أروقة الشعب الجمهوري، يبقى الخطر الأكبر يتعلق بمستقبل التحالف مع حزب الجيد والذي يمكن أن يتفكك في حال عدم التوافق على مرشح مقبول من الجانبين وهو المرشح الذي يحتاج إلى مواصفات معقدة ومتداخلة بحيث يكون قادراً على الموازنة بين حسابات كليتشدار أوغلو الشخصية وخشيته على مستقبله السياسي وبين أن يكون مقبولاً من القاعدة الشعبية لحزب الشعب الجمهوري ويرضى به حليفه حزب الجيد كما يتوجب أن يكون قادراً على اجتذاب شريحة مهمة من أصوات الأكراد ليكون قادراً على الفوز أمام أردوغان وهي معايير صعبة لم تجد شخصية تتجسد فيها حتى اليوم.

المصدر:القدس العربي