رجل يشتري سوريا.. ماذا تعرف عنه؟

سوشال

العام الماضي، نشرت وكالة “رويترز” في الثاني من تموز (يوليو) تقريراً استقصائياً عن بيع الملياردير الروسي غينادي تيمتشنكو، وهو من الحلقة الضيقة للرئيس فلاديمير بوتين، طائرته الخاصة. وهذه في عالم الملياردير مثل بيع منزل العائلة أو القليل من ذهبها في دنيا متوسطي الحال من سكان هذا الكوكب المتهالك.

سبب بيع هذه الطائرة الباهظة الثمن من طراز “غالف ستريم” (سعرها يتراوح بين 60 و70 مليون دولار) أن الإدارة الأميركية وضعت هذا الملياردير الروسي على قائمة العقوبات عام 2014، في سياق رزمة إجراءات بعد سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم.

عند فرض العقوبات على تيمتشنكو، وصفته الحكومة الأميركية بأنه من “الدائرة القريبة” من بوتين. الشركة المُصنّعة للطائرة فسخت عقد صيانتها نتيجة العقوبات. صار الملياردير منبوذاً من اقتصادات الغرب نتيجة العقوبات، ولم يعد أحد يريد أي علاقة به. ذلك أن تيمتشنكو، المهندس المولود في أرمينيا والمغمور حتى أفول العهد السوفييتي، من القريبين إلى بوتين وعائلته، إذ ظهر اسمه في تحقيق للوكالة عينها عن المغامرات المالية لكاتارينا، ابنة الرئيس الروسي، وزوجها حينها. حقيقة أن ثروة الرجل نمت بشكل خارج عن الطبيعة من مليار واحد يتيم في التسعينات، إلى ما يُقارب العشرين ملياراً اليوم، تُثير أسئلة عمن يُشاركه من النافذين خلف الستار، والأدلة تشير إلى رأس الهرم.

تيمتشنكو، ومن وراءه أيضاً، باتوا شركاء في ثروات سوريا، ويتقدمون بخطى ثابتة باتجاه الاستحواذ على المزيد دون مواربة أو حياء. فالعقود الروسية في سوريا ليست من الصنف الطبيعي أو المعتاد، بل علينا من أجل فهمها العودة إلى قاموس حقبة الاستعمار الأوروبي في عموم آسيا وافريقيا، عندما كان المستعمر يتصرف وكأنه سيحكم الشطر الجنوبي من الكرة الأرضية … الى الأبد. أو بإمكاننا، للغرض ذاته، استعارة بعض التعابير والاتفاقات من أيام الوصاية السورية-الأسدية على لبنان في تسعينات القرن الماضي، عندما سادت الاتفاقات الطويلة الأمد، وحين وقع “الطرفان” صفقات لربع قرن في ظل هيمنة عسكرية-أمنية على كل مناحي الحياة.

في هذا السياق علينا قراءة إعلان وزير النقل السوري علي حمود توقيع عقد استثمار ميناء طرطوس مع شركة “ستروي ترانس غاز-CTG” الروسية (يملكها تيمتشنكو) لفترة 49 عاماً. نصف قرن قابل للتجديد لشركة الملياردير تيمتشنكو. وكذلك الأمر بالنسبة لبقية العقود مثل “معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى (ينتج 7 ملايين متر مكعب غاز يومياً)، ومعمل الغاز في توينان وينتج اليوم حوالي 1.4 مليون متر مكعب غاز يومياً، بحسب تقرير لـ”الاقتصادي” نشرته “المدن”. التقرير ذاته يتحدث عن دخول العقد الموقع بين “المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية” و”شركة ستروي ترانس غاز” الروسية حيز التنفيذ في 17 آذار (مارس) الماضي، “لاستثمار معامل شركة الأسمدة في حمص، على أن تكون مدة الاستثمار 40 عاماً بقيمة لا تقل عن 200 مليون دولار”.

50 عاماً هي أيضاً مدة العقد الموقع بين “المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية” السورية و”ستروي ترانس غاز” الروسية، لاستثمار واستخراج الفوسفات من مناجم الشرقية ( 2.2 مليون طن سنوياً). مجلس الشعب صادق على هذا القرار العام الماضي.

بكلام آخر، “ستروي ترانس غاز” المملوكة لتيمتشنكو، مثل قطار سريع يلتهم كل العقود السورية. هي شريكة الدولة في مواردها، وأيضاً رديفة للنفوذ الروسي، أمنياً وعسكرياً.

المهم في القضية كلها أن تيمتشنكو ليس وحده، بل لديه ارتباطات مالية بعائلة بوتين، كما ظهر في تحقيق “رويترز”، إذ هناك اجراءات بيع لعقارات وشركات عليها علامات استفهام بينه وبين كيريل شمالوف، طليق كاتارينا بوتين.

في ظل هذه المعمعة وقلة الحيلة، يحق للسوريين أن يعرفوا مَن يحصل على ماذا، على الأقل، في هذه الصفقات الطويلة الأمد، وعلى أي أساس، حتى لو على سبيل المزاح في ما لا يملك المرء قدرة على المواجهة فيه. وفقاً للتقارير الإعلامية، فإن لدى ماريا، الإبنة الأولى للرئيس الروسي، طفلاً، على عكس شقيقتها الصغيرة. ولذا من “المنطقي” أن تحصل هي على الغاز، على أن يبقى النفط والفوسفات والموانئ لكاتارينا وأمها! وقد تنفع في هذا المجال الحيوي استشارة مفتي الجمهورية العربية السورية للبت في تقسيم الثروات السورية على العائلة المالكة ورفاقها!

المصدر: المدن