بومبيو يبيع “الجولان المحتل” عند حائط البراق!

سوشال

البداية كانت من الكويت التي وصلها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في محطته الأولى ضمن جولة تشمل إسرائيل ولبنان للفترة ما بين 19 و23 مارس/آذار.

تتشارك الولايات المتحدة والكويت بصداقة عميقة مبنية على تعزيز المصالح الأمريكية في المنطقة في مجال الدفاع ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى الاستثمارات الكويتية في الولايات المتحدة التي تعزز علاقات البلدين في ذات الوقت الذي تنعش فيه الاقتصاد الأمريكي وتوفر فرصا للعاطلين عن العمل.

وفي الكويت التقى الوزير الأمريكي بكبار المسؤولين في سلسلة من الاجتماعات الثنائية وحوارات موسعة في نطاق النسخة الثالثة من “الحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة والكويت” التي انعقدت تحت شعار “تعزيز الشراكات الإستراتيجية”، وهو الحوار المؤجل منذ جولة مايك بومبيو مطلع العام لأسباب قيل في وقتها أنها عائلية اضطرته للعودة إلى بلاده.

وخلال اجتماعات هذا العام وقع البلدان ثمانية عشر مذكرة تفاهم واتفاقية تم الإعداد لها ما بين سبتمبر/أيلول 2017 ومارس/آذار الجاري.

وتصف الولايات المتحدة دولة الكويت بأنها “حليف إستراتيجي لها في المنطقة من خارج دول حلف شمال الأطلسي”.

وتلعب الشراكة الإستراتيجية بين البلدين دورا مهما في مجال الأمن والاستقرار في المنطقة على قاعدة مكافحة الإرهاب وردع العدوان الخارجي ومواجهة التهديدات المشتركة التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها.

وتستضيف دولة الكويت على أراضيها الآلاف من القوات الأمريكية كشريك أساسي في محاربة التنظيمات الإرهابية، داعش والقاعدة والتنظيمات الأخرى.

وتلتزم الولايات المتحدة بالحفاظ على أمن واستقرار الكويت منذ تأسيس التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة عام 1991.

وتلعب العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين دورا حاسما في الحوار الإستراتيجي بما يمكن أن يوفر المزيد من الفرص للتنمية والازدهار في سقف من الاستثمارات الكويتية جاوزت 380 مليار دولار في قطاعات العقارات والطاقة والمصارف.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2017 ثمانية مليارات دولار.

تحدث مايك بومبيو من الكويت عن الجانب الأمني مؤكدا سعي بلاده إلى حث دول المنطقة على بذل جهود جديدة لمواجهة التحديات الأمنية، تنظيمي داعش والقاعدة.

وتضع الولايات المتحدة أزمة قطر مع جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي على قائمة أولويات سياساتها الخارجية في المنطقة بدعم الوساطة “الرسمية” لدولة الكويت وضرورة التوصل إلى تسوية لضمان وحدة دول المجلس في مواجهة التحديات المشتركة.

وحول الأزمة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أشاد الوزير الأمريكي بالجهود التي تبذلها دولة الكويت والمشاركة الإيجابية لها في حل أزمات المنطقة، في سوريا واليمن، انطلاقا من أن وحدة دول مجلس التعاون تعد أساسية لضمان نجاح تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي “الناتو العربي” الذي يتم الحديث عنه لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة ومواجهة النشاط الإيراني المزعزع للاستقرار.

وتلتقي الولايات المتحدة والكويت على أهمية إنشاء تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي “الناتو العربي” الذي يضم دول المجلس الست إضافة إلى الأردن ومصر بما يعزز التعاون متعدد الأطراف للتصدي للتهديدات التي تواجه هذه الدول والولايات المتحدة التي ترعى التحالف.

وشملت جلسات الحوار الإستراتيجي توسيع نطاق العلاقات الثنائية حول الابتكار العلمي والمعرفة وتعزيز جهود مكافحة المخدرات وتحسين أمن المطارات والتعاون القنصلي والتبادلات الأكاديمية والتنسيق بين رجال الأعمال والشركات في البلدين وصولا لبناء علاقات أقوى في القطاعات الاقتصادية والتجارية وغيرهما.

وفي محطته الثانية في إسرائيل، اجتمع مايك بومبيو بمسؤولين من قبرص واليونان وإسرائيل لتعزيز التعاون الرباعي في قضايا الأمن والطاقة، وكذلك السلام في المنطقة والحرب في سوريا.

وتؤكد الولايات المتحدة بشكل مستمر على دعمها لإسرائيل وحمايتها وضمان أمنها باعتبارها أقرب الحلفاء لها والشريك الإقليمي الأكثر أهمية للمصالح والسياسات الأمريكية في المنطقة.

وفي بادرة تحاشى الكثير من المسؤولين الأمريكيين الإقدام عليها، زار الوزير الأمريكي حائط “البراق” الذي تسميه دولة الاحتلال الاسرائيلي حائط “المبكى” في تأكيد منه على التزام بلاده بتعزيز التسامح الديني ومحاربة معاداة السامية، وفقا لوزارة الخارجية الأمريكية.

وتأتي زيارة الحائط بعد أن “كسر” اعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل “حاجز” التردد لدى المسؤولين الأمريكيين بعد تدني مستوى رد الفعل العربي تجاهه والذي يعزى إليه أيضا، نية ترامب الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ 1967 واتخذت قرارا بضمها عام 1981 دون اعتراف أي دولة بالقرار حتى الآن.

وتتشارك الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل خاص التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة.

وأثناء وجود مايك بومبيو في إسرائيل أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن “الوقت قد حان لاعتراف الولايات المتحدة الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي لها أهمية إستراتيجية وأمنية حيوية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي”.

ووصف مايك بومبيو قرار دونالد ترامب بأنه قرار “جريء” لهذا المكان المهم الذي من المناسب “أن يكون جزءا ذا سيادة من دولة إسرائيل”.

وفي الوقت الذي رحب فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإعلان ترامب الذي قال انه يأتي في “وقت تحاول فيه إيران استخدام سوريا منصة للهجوم على إسرائيل وتدميرها”، أعلنت الأمم المتحدة التزامها بجميع قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة التي تنص على أن احتلال مرتفعات الجولان السورية من قبل إسرائيل هو “عمل غير مشروع بموجب القانون الدولي”.

قبيل مغادرته إسرائيل إلى لبنان محطته الأخيرة، صرح وزير الخارجية الأمريكي بأنه ذاهب إلى هناك للحديث عن التهديد الذي يمثله حزب الله اللبناني للعالم ولإسرائيل، وللشعب اللبناني، واصفا الحزب “المدجج بالسلاح” بأنه يشكل “خطرا” على اللبنانيين.

واستبق الرئيس اللبناني ميشال عون وصول وزير الخارجية الأمريكي إلى بيروت قادما من تل أبيب، بتصريحات انتقد فيها العقوبات الأمريكية على حزب الله واعتبرها “تضر لبنان ككل”.

وأدرجت الولايات المتحدة حزب الله اللبناني على قائمة العقوبات الأمريكية في سياق الجهود الرامية لتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة.

وقدمت الولايات المتحدة مساعدات بلغت 2.1 مليار دولار منذ بداية الحرب السورية للمساعدة في تلبية احتياجات اللاجئين السوريين في لبنان.

كما تقدم الولايات المتحدة دعما متواصلا للحكومة اللبنانية بلغ أكثر من 800 مليون دولار خلال عام 2018 لتحسين الخدمات الأساسية وتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون.

وتعد لبنان الشريك الأمني الأبرز للولايات المتحدة التي قدمت ما يزيد عن 2.2 مليار دولار للجيش اللبناني منذ عام 2005 لتعزيز المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.

ركزت الولايات المتحدة جهودها منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2017 على “مكافحة تأثير إيران الخبيث”، ويعد حزب الله اللبناني صاحب النفوذ الأوسع في مؤسسات الدولة اللبنانية الأمنية والعسكرية والسياسية أحد أبرز وأخطر أذرع إيران الخارجية.

وفي لقاء جمعه مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، ناقش وزير الخارجية الأمريكي قضايا تتعلق بالاقتصاد اللبناني وضرورة المحافظة على الهدوء على طول الحدود اللبنانية مع إسرائيل مع التأكيد على دعم الولايات المتحدة انضمام لبنان إلى الدول الأخرى في حوض البحر الأبيض المتوسط لتطوير الموارد البحرية.

كما أكد على مخاوف الولايات المتحدة من “أنشطة حزب الله المزعزعة للاستقرار في لبنان والمنطقة والمخاطر التي تمثلها على أمن لبنان واستقراره”.

وكرر مايك بومبيو مخاوف بلاده من أنشطة حزب الله خلال لقائه مع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الذي ناقش معه أهمية “الشراكة الأمنية الأمريكية اللبنانية والحاجة إلى مواصلة الدعم للمؤسسات الأمنية الشرعية اللبنانية، خاصة الجيش اللبناني”.

وتلتزم الولايات المتحدة بتعزيز علاقاتها مع الكويت ولبنان وإسرائيل، وهي الدول المشمولة بجولة الوزير الأمريكي، لتحقيق الأهداف المشتركة، بما في ذلك إحلال السلام في الشرق الأوسط ومواجهة الإرهاب وتوسيع التجارة البينية والاستثمارات وحماية أمن إمدادات الطاقة والملاحة الدولية وغيرها.

ويعتقد بومبيو أن إيران تلعب دور الفاعل الإقليمي “الخطير” الذي يستدعي مواجهته من أجل السلام الشرق أوسطي، وهي “المحرك الأساسي للتأثير الخبيث في الشرق الأوسط، سواء من خلال حملة الاغتيالات في أوروبا أو تمويل الحوثيين في اليمن أو تقديم الأموال إلى حماس وحزب الله أو دعم المجموعات المسلحة في العراق وسوريا”.

ولم يفصح الوزير الأمريكي عن أية تفاصيل تتعلق بمبادرة السلام الشامل بين الاسرائيليين والفلسطينيين أو ما يعرف إعلاميا بـ”صفقة القرن” مكتفيا بالتصريح بأن بلاده ستقدم الخطة في الوقت المناسب لتحقيق النتيجة الصحيحة، وهو ما يتطلب بعض الوقت، وسيحظى العالم بفرصة الاطلاع على الرؤية الأمريكية لكيفية إحلال السلام وحل هذه المشكلة “المستعصية”.

الأناضول