يبدو أن سوريا ستكون على أبواب التطورات العالمية.. دولة تتوغل في سوريا ما الذي ينتظر السوريين؟

يبدو أن سوريا ستكون على أبواب التطورات العالمية.. دولة تتوغل في سوريا وتبدأ التحرك مع النظام

يبدو أن الصين بدأت مؤخرا بزيادة حضورها داخل الملف السوري عبر بوابة الاقتصاد، وهي التي اعتادت من خلال الاقتصاد دخول الدول التي تعاني من أزمات خلال السنوات الماضية.

منذ مطلع العام الجاري، سعت بكين لتكثيف حضورها الاقتصادي في سوريا، حيث وقعت في شهر كانون الثاني/يناير مذكرة اتفاق مع دمشق، أُدرجت سوريا بموجبها في خطة “الحزام والطريق” الصينية.

ووفقا لتقرير لمعهد “نيو لاينز للاستراتيجية والسياسة” الأميركي، فقد سعت بكين إلى دمج دمشق بمبادرة “الحزام والطريق”. وحاولت الاستفادة من احتياجات إعادة الإعمار الملحة في البلاد. لتأسيس موطئ قدم في قلب منطقة بلاد الشام، ولتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط كذلك.

العديد من الدول نظرت إلى الأموال الصينية بنظرة إيجابية وشعرت أنها كانت أموالا مجانية، إلا أن هذه القروض كانت باهظة الثمن اقتصاديا، وقد تعمل على تقييد هذه الدول بسبب علاقاتها بالاقتصاد الصيني، وبالتالي رهن مستقبلها للشركات الصينية.

الاستحواذ على موانئ سوريا؟
من خلال العمل على مشروع “الحزام والطريق”، تريد الصين من خلاله مد نفوذها إلى مناطق جديدة في منطقة القارة الآسيوية وتهيمن على بلدان عدة. فهل ستغرق دمشق في وحل الأفخاخ الصينية؟.

لقد بلغت حجم الديون التي قامت الصين بإقراضها من خلال الحكومة والشركات التابعة لها نحو 1.5 تريليون دولار أميركي على شكل قروض مباشرة وائتمانات تجارية لأكثر من 150 دولة حول العالم. وتشير الدراسات إلى أن هذا الحجم من الديون، حوّل الصين إلى أكبر دائن رسمي في العالم.

الحل السياسي الذي ينتظره السوريون وتراوغ دمشق في عدم اللجوء لتطبيق آليات مناسبة لتنفيذه، سيكون مصيره مجهولا في ظل الحضور الصيني الذي سيدعم تعنت دمشق لتطبيق الحل السياسي كما هو الحال بالنسبة للروس.

الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل إن حضورا صينيا في ملف شائك ومعقد كالملف السوري لم يحدث فيه أي توافق يبشر بقرب انتهاء استعصاءه، سيكون معرقلا أكبر لأي توافقات يمكن أن يتم السعي لتحقيقها من قبل الدول الفاعلة حاليا في الملف السوري، ما يعني أن الصين وبالإضافة لسيطرتها الاقتصادية المتوقعة على مكامن مهمة من الاقتصاد السوري

فإن حضورها السياسي المفترض سيعقد من مهمة إنجاز الحل السياسي في ظل مناوئتها للولايات المتحدة التي تتواجد داخل الملف السوري وتعتبر لاعبا رئيسيا فيه. ليبرز التساؤل الأهم حول ذلك والذي يتمحور حول ما إذا كان على السوريين

نسيان تطبيق الحل في بلادهم، في ظل وجود صيني يأتي في أحد دوافعه على شكل فرصة سانحة للتغول الصيني في فتح ساحة صراع جديدة مع القوى الغربية من خلال الملف السوري.

في سياق التأثير السلبي الذي قد يحدث في الملف السوري إثر زيادة الوجود الصيني عبر بوابة الاقتصاد، يرى الباحث الأكاديمي والسياسي في مركز “لندن” للدراسات السياسية والاستراتيجية مايكل مورغان

بأن تأثير زيادة الحضور الصيني في سوريا سيكون سلبيا جدا سواء على المنطقة عامة، أو بشكل خاص على سوريا

وذلك لأن التخطيط الصيني يكمن في كيفية الاستحواذ على موانئ في المنطقة، وهذا ما يحدث حاليا في عدة دول في الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا، بغية تنفيذ أجندة مشروع “طريق الحرير” الصيني.

وأضاف مورغان في حديثه لـ “الحل نت”، أن الصين تسعى جاهدة للاستحواذ على أكبر المحطات في هذا المشروع “طريق الحرير” أو كما يسمى “الحزام والطريق”. واستدل مورغان ذلك بالقول :

”كما شهدنا في سريلانكا عندما لم يسددوا الديون، استولت الصين على الموانئ وأهم المنافذ الاستراتيجية هناك بقيمة مليارات الدولارات في ميناء هامبانتوتا، في جنوب سريلانكا، الذي يتوسط أكثر طرق الملاحة النشطة والمزدحمة بين الشرق والغرب”.

ووفق تقدير مورغان، فإنه يمكن أن يحدث هذا الأمر مع عدة دول في المنطقة، “للأسف هناك حاجة كبيرة لبعض الدول ومنها سوريا في محاولة لإنعاش اقتصاد بلدهم، وسيترتب على ذلك ديون كبيرة لاحقا، لا سيما الاقتصاد السوري المتهالك، وبالتالي قد يتم سداد هذا الدين بأصول من الدولة السورية”.

مصير مقلق
بوابة الاقتصاد هي ذاتها التي تسعى من خلالها الصين للهيمنة على اقتصاد العالم، وقد تكون مواجهتها مع الولايات المتحدة ضمن هذا المجال دافعا لبكين من أجل توسيع أطماعها وتمددها في منطقة الشرق الأوسط بشكل بارز.

النتيجة الطبيعية المفترضة أن الضغط على الدول المدينة بالأعباء الاقتصادية سينتج عنه نفوذ سياسي للصين في تلك الدول والسيطرة على قرارتها وفتح الباب الواسع أمام تغول النفوذ الصيني فيها. وهذا هو السيناريو المقلق الذي يتهدد سوريا ومصير السوريين.

من جهته رأى الباحث السياسي الأردني صلاح ملكاوي، خلال حديثه لـ”الحل نت” أن توغل الصين في سوريا من البوابة الاقتصادية سيؤدي حتما إلى زيادة الاستقطاب

وبالتالي سيمنع أميركا من التفكير في سحب قواتها من المنطقة وخاصة في سوريا، وسيتم نقل الصراع من بحر الصين الجنوبي إلى شرق البحر الأبيض المتوسط​​، أي بدلا من أن تكون أميركا في مواجهة روسيا فقط، فإنها ستواجه الصين أيضا.

ولأجل ذلك كله، فإن الهدف الاستراتيجي الذي رأت فيه الصين محاولة أميركية لمزاحمة نفوذها في المنطقة، لتقوم الصين من خلال توجهات تخلق فرص مساومة لبكين، كالتوغل أكثر إلى الداخل السوري عبر البوابة الاقتصادية

وبالتالي يمكن القول إن الصين وروسيا في خندق واحد والعلاقة بينهما مبنية على تقاطع المصالح المؤقتة لخدمة مشاريعهم التوسعية في المنطقة.
المصدر: الحل نت