روووح الشباب شعلوها .. ماذا يحدث في سوريا؟

روووح الشباب شعلوها .. ماذا يحدث في سوريا؟

يواصل نظام الأسد بكافة الوسائل المتاحة له، إظهار سوريا كـ “بلد آمن” بعد أن مزقته حرب النظام لشعبه طيلة عقد من الزمن، دون أن يستطيع طمس معالم الدمار والخراب الذي خلفته آلة القتل والتدمير

علاوة عن عجزة عن تأمين أبسط مستلزمات الحياة من كهرباء ووقود للمدنيين القابعين في مناطق سيطرته.

وتتعدد الوسائل التي يتبعها النظام لإعطاء صورة مغايرة تماماً عن الواقع الذي تعيشه سوريا حالياً، في ظل أزمات متراكمة اقتصادية واجتماعية وغيرها لا حلول لها على المدى القصير، لكن يبدو أن مساعيه لم تتوقف لتجميل صورة سوريا السوداء المدمرة، مستثمراً بعض الفعاليات وحفلات الطرب والشخصيات الفنية واليوتيوبرز، هدفه نفي الواقع المأساوي.

وتتعدد أهداف النظام من وراء هذه المساعي، منها إظهار نفسه كنظام قادر على إدارة الدولة رغم الحرب، ومحاولة إعادة الشرعية الدولية له للخروج من دائرة العقوبات، علاوة عن جذب الاستثمار الدولي لإعادة مادمرته آلة القتل من باب إعادة اللاجئين، وبالتالي عليه نفي جميع التقارير التي تتحدث عن سوريا كبلد غير آمن لعودتهمم.

ولعل آخر مثال على مساعي النظام استثمار بعض الفعاليات لتجميع صورة سوريا، ماتم الترويج له من فعاليات في “كرنفال مرمريتا”، إلا أن الفعالية شابها كثير من الانتقاد والاستنكار، لما تحمله من رسائل مخالفاً تماماً للواقع المعاش في سوريا، كما اعتبر أنه تشويه لصورة كيان ديني في هذا البلد المدمر.

واعتبر موقع “المدن” في تقرير له، أن ترويج النظام لـ”كرنفال مرمريتا” يبقى “دعاية مضللة”، لافتاً إلى أنه لا يعكس واقع الحياة اليومية في الداخل السوري، حيث الفقر والبؤس الاقتصادي وانعدام الخدمات وغياب أي حضور لمؤسسات الدولة، وفق تعبيره.

ولفت الموقع، إلى أن أكثر من 85% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وباتت جرائم القتل والخطف منتشرة في البلاد، حيث لا يمر أسبوع من دون حوادث من هذا النوع، ونوه إلى أن مجموعة من الصفحات المسيحية في سوريا عبرت عن امتعاض واستياء من الكرنفال بوصفه “شعوذة” وطقوساً غربية مسيئة للديانة المسيحية.

وذكر تقرير الموقع، أن ما يحدث في البلاد هو “هرطقة” و”ابتعاد” عن تعاليم الدين الصحيحة، وبين أن بعض المسيحيين الذين يعتمد عليهم النظام السوري في دعايته للترويج للانفتاح في البلاد ووجود العلمانية، يقدمون أفكاراً محافظة تدعو إلى الالتزام بالتقاليد.

وكانت النسخة الـ45 من “كرنفال مرمريتا” قد انطلقت مؤخراً في حمص، وارتدى المشاركون ملابس ملونة وقادوا سيارات وشاحنات مزينة، وتجولوا في شوارع المدينة، وتم استثمار هذه الصور والفيديوهات من قبل العديد من الجهات المعارضة لوجود اللاجئين في عدة دول للإشارة إلى أن الوضع في سوريا مهيئ لعودتهم.

وسبق أن تحدثت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، في مقال نشرته، عن لجوء نظام الأسد إلى الشخصيات المؤثرة من صانعي المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف إعادة تبييض صورته، بتمويل من داعميهم الغربيين.

وقالت “صوفي فوللرتون” كاتبة المقال والباحثة في العلوم السياسية وحقوق الإنسان، إن نظام الأسد “عمل بجهد” لتجنيد المؤثرين، لافتة إلى أنها “فكرة بارعة”، لأن هؤلاء لا مواقف سياسية لهم، ولن تشملهم أي عقوبات في حال زاروا دمشق.

ولفتت “فوللرتون” أن صانعي المحتوى يدخلون إلى سوريا عبر تأشيرات يحصلون عليها فقط من خلال وكالات السياحة المرتبطة بالنظام، واعتبرت أن النظام يستغل “سذاجة وانتهازية” صانعي المحتوى، ويضخم تعليقاتهم، معلناً أن سوريا باتت آمنة للسياحة من خلال إعلامه الرسمي.

ونوهت الكاتبة إلى أن المؤثرين يدعمون أجندة النظام من خلال تقديم انطباع زائف عن سوريا ومشاكلها، واعتبرت أن “سياحة كهذه غير أخلاقية”، ولفتت إلى أن مدونة الفيديو الإيرلندية جانيت نيوهام، كانت تتحدث بحماس عن زيارتها إلى باب توما في دمشق، لكنها غير واعية أنها ليست بعيدة عن فرع المخابرات الجوية الذي يعد “واحداً من أبرز منشآت التعذيب في سوريا”.

وقالت شبكة “شام” في تقرير لها عام 2020، غن نظام الأسد يواصل استقطاب الشخصيات البارزة والوجوه الإعلامية منه للترويج لروايته في حربه الشاملة ضدَّ الشعب السوري في كل مناسبة يراها محطة جديدة لإعادة تدوير روايته الكاذبة بهدف تصديرها لوسائل إعلام مختلفة، وينشط في ذلك إعلامه الذي يشتهر في تزييف الحقائق.

يشار إلى أنّ نظام الأسد يعمد إلى استقطاب الفنانين والمطربين وحتى اليوتيوبرز والمشاهير لتدعيم روايته المناقضة للواقع التي تقوم على التسويق بعودة الحياة الطبيعية وعدم وجود مشاكل في مناطقه الغارقة بالأزمات الاقتصادية، وأن الحرب انتهت، متناسياً العمليات العسكريّة الوحشية التي خلّفت مأساة إنسانية متفاقمة شمال غرب البلاد.
شبكة شام