في تسجيل نادر: ياسر العظمة يطلق مدافعه الثقيلة على النظام السوري

في تسجيل نادر: ياسر العظمة يطلق مدافعه الثقيلة على النظام السوري

أثارت الحلقة الجديدة للفنان السوري ياسر العظمة، كثيرا من الانتقادات بين السوريين الثائرين ضد نظام الأسد، الذين رأوا في سقفِ نقده لما يجري في سوريا الآن، نقداً عادياً ومعتاداً وأدنى بكثير من “سقف الرئيس”.

ونشر ياسر العظمة، أمس السبت، حلقةً جديدة تحت عنوان “مكانك في القلب”، وهي الثانية ضمن برنامج “مع ياسر العظمة” الذي أطلقه على قناتهِ في “يوتيوب”، قبل عامين.

تحدّث “العظمة” عن المواطن السوري وشعوره بأنّه “كمالة عدد وليس له كرامة وليس لرأيه قيمة” في بلده، وعن فقدان الأمن والأمان والغلاء والتخلّف والاقتصاد المنهار، وكثير ممّن اعتبرها أسبابا تدفع المواطن إلى “الهجرة”.

تجاهل “العظمة” في حلقتهِ، أنّ معظم السوريين لم “يهاجروا” إنما هُجّروا نتيجة الحرب التي يشنّها عليهم، منذ 11 عاماً، جيش النظام السوري وأجهزته الأمنية وحلفاؤه ومئات الميليشيات الطائفية التي استقدمها لمساندته في قتل السوريين.

وأنّ الأسباب التي ذكرها وعدّدها ودفعت كثيراً من السوريين – كأمثاله – إلى ترك البلد، يقف خلفها النظام السوري بكلّ رموزه، وأوّلهم رئيس النظام بشار الأسد، الذي تجنّب الإشارة إليه ولو بكلمة، بل استمر في تمييع الأسباب والتي أحالها إلى مسؤولين مجهولين، كالعادة، مع الإشارة إلى ما يكرّره موالو النظام ومؤيدوه: “الرئيس كويّس بس اللي حواليه..”.

وانتقد “العظمة” الدول التي زعمت أنها “دول صديقة” وداعمة لـ سوريا، متسائلاً أين دعمها: (وين البناء، وين العمران، وين الاقتصاد، الأمان)، من دون الإشارة – ولو تلميحاً – إلى أنّ الذي دمّر سوريا وقتل واعتقل وهجّر أهلها وسرق ونهب مقدّراتها وثرواتها هو النظام السوري نفسه.

كذلك تجاهل “العظمة” أنه هو وأمثاله يمكنهم – على الأقل – زيارة سوريا بين حين وآخر، في حين معظم السوريين لا يمكنهم ذلك، ولا بأس لديهم بأن يكون استقبالها لهم “ناشفاً، عابساً، كئيباً”، ولكنّهم يخافون أن يجدوا أنفسهم في السجون وأقبية فروع النظام الأمنية.

مجدّداً.. عودة خالية من المعنى
تساءل سوريون عن فائدة الحلقة الجديدة لـ ياسر العظمة، وما الجديد الذي قدّمه؟، وأنّه كعادة الفنانين السوريين الموالين لم يخرج عن سرب “الجميع سيئ ولكن بشار الأسد منيح”، بل إنّ بعض الفنانين الموالين كان سقف انتقادهم لِما يجري في مناطق سيطرة “النظام” أعلى بكثير من سقف “العظمة”.

وعلّق الكاتب السوري أحمد أبازيد قائلاً: إنّ “سقف النقد في فيديو ياسر العظمة الأخير هو سقف النقد العادي لدى مؤيدي النظام الآن، حتى لو كانوا علويين وعساكر أيضاً، بإمكانك أن ننتقد كل شيء في سوريا ما عدا الأسد، وأن تتحدث عن أي شيء ما عدا المذبحة، ولو غطى دمها وجه الشمس وبيوت كل الناس”.

وتابع: “أحب ما قدمه ياسر العظمة قبل 2011، ولكنه صمت بعدها، ولو أبقى الصمت للتأويل لكان أفضل من نصف كلمة ونصف موقف، ونعم ما زال يقتلنا نصف الموقف أكثر”.

وأشار الصحفي السوري ثائر المحمد، إلى ما قاله “العظمة” عن سوريا الحزينة، موضحاً أنه: “التفاف واضح على السبب الرئيسي لحزن البلد، البلد حزينة لأن جزارا اسمه بشار الأسد دمرها وهجّر أهلها.. لأن بشار سلّمها للروس والإيرانيين لقاء البقاء على كرسي لا قيمة له. البلد بترضى بزوال سبب حزنها وألمها بزوال المجرمين”.

وأضاف الصحفي السوري عز الدين زكور قائلاً: “ياسر العظمة لم يتجاوز سقف بوست لـ موالٍ غاضب من محافظ حمص، والفاسدين (…….) المحيطين بالسيد الرئيس”.

ويبدو أنّ الحلقة الجديدة لـ ياسر العظمة، لم تكن أكثر من تكرار لحلقته الأولى التي عُرضت تحت عنوان “إن رضيت دمشق”، قبل عامين، وانتقدها – حينذاك – كثير من السوريين، معتبرين أنها لا ترقى إلى مستوى معاناة السوريين، وأنها فتحت باب التساؤل عن سكوت “العظمة” وغياب موقفه الإنساني والسياسي لأكثر من سبع سنوات على مأساة السوريين وجرائم النظام السوري بحقهم.

وممن انتقد حلقته الأولى وفضّل صمته، الإعلامي السوري فيصل القاسم، الذي كتب قائلاً: “الأستاذ الكبير ياسر العظمة قامة سورية فنية وأدبية عظيمة.. كثيرون تمنّوا لو بقيت ملتزماً الصمت”.

وأضاف الكاتب السوري ماهر شرف الدين قائلاً: “تسع سنوات من عمر المذبحة السوريّة كانت كافية ليتعلّم فيها ياسر العظمة ارتجال الشعر العمودي، لكنها لم تكن كافية ليتعلّم فيها ارتجال كلمة حقّ!”.

مرايا.. ياسر العظمة
بحسب ما ذكر الكاتب عليوي الذرعي في مادةٍ نشرها موقع تلفزيون سوريا تحت عنوان: الدراما السورية الناقدة وتكريس “الذات الرئاسية”، فإنّ معظم نجوم الدراما السوريّة “منحازون” سياسياً إلى صَفّ نظام الأسد، وذلك بسبب الارتباط الوثيق بين شركات الإنتاج والنظام، الذي له باع طويل بتدجين المجتمع والاقتصاد.

وأوضح “الذرعي” أنّه حتى الأعمال التي تطرح نفسها كناقدة أو معارضة لا تخرج عن هذا الإطار، فنجوم مثل ياسر العظمة ودريد لحام وأيمن زيدان وآخرين وغيرهم، دخلوا إلى عالم الفن من بوابة الأعمال المعارضة لتوجّهات (الدولة).

مسلسل “مرايا” نفسه الذي يُطرح على أنه محاولة لتسليط الضوء على الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي من دون زيادة أو نقصان، لم تقترب يوماً من جذر المشكلة وأساسها، واكتفت بنقد حالات فردية من المجتمع، وهذا يعني أنّ المرايا التي يُفترض أن تكون دقيقة، كانت “مزيّفة”.